-->

هل التغيير مرتبط بمراحل؟
بعض الناس لا يتغيرون إلا إذا حدثت مصيبة أو وصل إلى عمر معين.
فالتغيير عملية تحول من الواقع الذي نعيش فيه إلى حاجة نرغب فيها أو حالة منشودة.
نحن اليوم نعيش في واقع نحيا فيه في مستوى معين ونسأل أنفسنا عدة أسئلة:
الأول: هل نحن سعداء؟ ويجب أن نجاوب أنفسنا داخلياً، إذ لا يهم في تقدير السعادة المظهر الخارجي أو كم من الناس يحترموننا أو يقدروننا، أو مكانتنا في المجتمع.
الثاني: هل نحن راضون عما وصلنا إليه في كل جوانب حياتنا.. في علاقتنا بالله سبحانه وتعالى وفي عباداتنا، وفي أعمالنا أو علاقتنا بأهلنا؟
إن الخطوة الأولى في التغيير أن يشخص الإنسان واقعه بالضبط وليس بزينته التي تخفي الكثير، ولا بالمظاهر الخارجية فقط.
الثالث: هل يمكن أن نكون أفضل مما وصلنا إليه أم أن هذا أعلى مستوى؟
المسألة واضحة جداً، فكل إنسان يستطيع أن يصل إلى مستوى أفضل في علاقته مع ربه ونفسه وأهله والناس أجمعين وفي إنجازاته وعطائه.. ففي كل مجال يستطيع الإنسان أن يكون أفضل.
الرابع: هل لدينا مشاريع نعيش من أجلها؟
الخامس: هل هناك هدف من حياتنا؟
إذا تبلورت هذه الأسئلة جميعاً واتضحت بصورة واضحة وكانت إجاباتنا أننا سعداء ولكن يمكن أن نكون أسعد وأننا راضون.. ولكن هناك بعض الجوانب لا نرضى عنها، ويمكن أن تكون أفضل كثيراً مما نحن عليه. فهذه الأسئلة سوف تعبِّر لنا عن تعريف التغيير وهو: الانتقال من الواقع الذي نعيش فيه إلى حال نتمناها، وهي أن نكون أسعد وأن نرضى عن أدائنا ونكون أفضل وتصبح لدينا مشاريع لها أثر في حياة البشر.
وأؤكد هنا أننا جميعاً بلا شك نريد تغيير أنفسنا وسلوكيات من حولنا.. ابناً أو زوجاً أو زوجة أو موظفاً.. وغيرهم.
وكل الدراسات العلمية وصلت إلى قناعة كبيرة بالنتيجة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة عام: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ".
باختصار.. إننا لا نستطيع أن نغير إنساناً آخر ما لم يغير من نفسه، فنحن نستطيع إيجاد مناخ للتغيير أو حافز أو دافع له.
إذا فهمنا هذا نكون قد خطونا الخطوة الأولى وهي تعريف التغيير.
يبدأ التغيير وزرع القيم منذ الطفولة، وكلما تأملت وعشت الحياة أكثر عرفت أن معظم القيم تنغرس في الإنسان في السنوات الست الأولى من حياته.
ومن هنا يأتي الخلل الجسيم: أن تعامل مرحلة رياض الأطفال على أنها مرحلة لعب وموسيقى، بل هي مرحلة زراعة قيم وفكر ومبادئ تحكم عقيدته وعلاقاته وطريقة إنتاجه.
وتُزرع هذه القيم في نفس الإنسان منذ البداية من قبل مؤثرات خارجية وخاصة الأبوين.. فلهما تأثير غير عادي في زرع هذه القيم والمبادئ.
ثم يكبر الإنسان ويبدأ في التفكير في الاستقلال عن هذه المؤثرات الخارجية.
ويبدأ في اختيار قيم ومبادئ جديدة من مؤثرات أخرى مثل أصحابه أو أفلام يراها أو غيرها، فتُزرع فيه قيم جديدة.
وطبعاً تأتي المجتمعات بطريقة تركيباتها وتزرع قيماً أخرى.. فهناك مجتمعات تزرع قيمة الوقت وأهميته. وأخرى (للأسف مثل مجتمعاتنا) تزرع قيمة "أعدك الساعة الرابعة وإذا لم أحضر الخامسة فانتظرني للسادسة..". ويمكن أن تذهب الساعة السابعة، فليس هناك قيمة للوقت، رغم أن حياة الإنسان عبارة عن وقت.
إذن أعظم تغيير هو الذي يحدث في المبادئ والقيم لأنه يحكم كل التغييرات الأخرى.
ينبني على هذا تغيير في السلوك لأن علاقاتي مع الناس ستحكمها المبادئ والقيم التي أتبناها.

جديد قسم : التغيير والنجاح